
مهرجان كان يكرّم الكبار… ودي نيرو في الصدارة
في دورة استثنائية من مهرجان كان السينمائي الدولي 2025، عاش عشّاق الفن السابع لحظة تاريخية عندما صعد النجم الأميركي روبرت دي نيرو إلى المسرح، متأثرا ومبتسما، ليتسلّم السعفة الذهبية الفخرية عن مجمل مسيرته الفنية التي امتدت لأكثر من نصف قرن.
اللافت في لحظة التتويج لم يكن فقط في قيمة الجائزة، بل في من قدّمها له: النجم ليوناردو دي كابريو، الذي شاركه البطولة في فيلم Killers of the Flower Moon للمخرج الأسطوري مارتن سكورسيزي. كانت لحظة مليئة بالاحترام، والاعتراف، والامتنان لرجل لم يغيّب اسمه يومًا عن ذاكرة السينما.
مسيرة نادرة من العطاء الفني
وُلد روبرت دي نيرو في مدينة نيويورك عام 1943، وسرعان ما برز كممثل يتمتّع بقدرة نادرة على تقمّص الأدوار. منذ بداياته، أذهل الجماهير والنقّاد بأدائه المعقّد والعاطفي، فدخل عالم السينما من أوسع أبوابه، عبر أفلام لا تزال محفورة في تاريخ هوليوود، مثل:
• Taxi Driver (1976)
• Raging Bull (1980)
• Goodfellas (1990)
• The Godfather Part II (1974)
• Heat (1995)
• The Irishman (2019)
اشتهر دي نيرو بتعاونه الطويل مع المخرج مارتن سكورسيزي، حيث شكلا معا ثنائية أبدعت في نقل شخصيات مركبة ومعقدة إلى الشاشة، وأثرت في أجيال من صناع السينما.
دي كابريو يكرّم أستاذه… جيل يسلّم الراية لجيل
حين اعتلى ليوناردو دي كابريو المنصة لتقديم الجائزة إلى دي نيرو، لم يكن الأمر مجرّد لحظة تكريم، بل لقاء رمزي بين جيلين من العظماء. علاقة دي كابريو ودي نيرو تتجاوز زمالة الأفلام، إذ لطالما اعتبره قدوته ومثله الأعلى، وصرّح مرارا بأنه تعلّم من دي نيرو الكثير على الصعيدين الفني والإنساني.
وكان فيلم Killers of the Flower Moon، الذي جمع النجمين مؤخرا، بمثابة إعادة تأكيد على قدرة دي نيرو على الحضور القوي حتى في أدواره المتأخرة، محافظًا على توهّجه السينمائي.
مهرجان كان… مساحة لتخليد الكبار
منح السعفة الذهبية الفخرية لا يُمنح لأيّ كان. إنها جائزة تختص بتكريم أولئك الذين تركوا بصمة لا تمحى على شاشة السينما، وغيّروا شكل الفن كما نعرفه. تكريم روبرت دي نيرو هو تكريم لمدرسة كاملة من الأداء، للعمق، للشغف، وللاستمرارية التي قلّ نظيرها.
جاء هذا التكريم في وقت تعيش فيه السينما العالمية تحوّلات كبرى، لتذكّرنا أن الروّاد لا يشيخون… بل يزدادون تألقًا.
السينما تظل وفيّة لأعمدتها
بعيدا عن الجوائز، تبقى القيمة الحقيقية لمثل هذه اللحظات في قدرتها على إلهام جيل جديد من المخرجين والممثلين وصنّاع الأفلام، بأن الفن الحقيقي لا يموت، وأن الإخلاص للشخصية، والصدق في الأداء، هو ما يصنع الأساطير.
روبرت دي نيرو ليس مجرّد ممثل. إنه رمز من رموز السينما العالمية، وصوت لا يُنسى في ذاكرة الحوارات السينمائية، ووجه لا يمكن فصله عن أي حديث حول الفن السابع.