
لأول مرة في تاريخه، فرض مهرجان كان السينمائي، في دورته لعام 2025، قواعد صارمة تتعلق بالإطلالات على السجادة الحمراء، في خطوة أثارت الكثير من الجدل داخل الأوساط الفنية والإعلامية. القرار، الذي اتخذته إدارة المهرجان قبل أيام فقط من انطلاق فعالياته، نصّ بشكل صريح على حظر الفساتين الشفافة، والإطلالات الجريئة التي تعتمد على التعري أو المبالغة في إظهار مفاتن الجسد، إضافة إلى منع الملابس ذات الذيول الطويلة التي تعرقل حركة الضيوف على السجادة الحمراء.
هذه القواعد الجديدة جاءت، بحسب المنظمين، بهدف الحفاظ على الطابع الراقي والمهني للمهرجان، وتركيز الأضواء على الإنتاجات السينمائية عوضا عن لفت الأنظار لإطلالات النجوم التي باتت، في نظرهم، تتخطى الحدود المقبولة وتتحول إلى استعراضات استهلاكية لا تخدم الفن. كذلك أشار القائمون على الحدث إلى أن بعض التصرفات في الدورات السابقة تسببت في فوضى على السجادة الحمراء، وخلقت إرباكاً كبيراً في التنظيم، ما دفعهم إلى إعادة النظر في معايير اللباس.
لكن ما إن بدأت فعاليات المهرجان، حتى خالفت بعض النجمات هذه التعليمات، مثل العارضة هايدي كلوم التي أطلت بفستان ضخم من تصميم إيلي صعب، مزود بذيل طويل وشق جانبي جريء، ما اعتبره البعض تحديا صريحا للقواعد الجديدة. كما ظهرت فارهانا بودي بإطلالة مشابهة، أثارت الجدل بدورها. هذه الخروقات أثارت تساؤلات حول مدى تطبيق القوانين بشكل فعلي، وما إذا كانت القرارات مجرد توصيات أخلاقية أكثر من كونها قواعد ملزمة.

يتضح في خلفية هذا التغيير، أن مهرجان كان يسعى إلى الحد من التصعيد في المنافسة بين النجمات على الإطلالات “الملفتة” التي كثيرا ما طغت على محتوى المهرجان السينمائي نفسه. ويعتقد أن فستان بيلا حديد في دورة 2024، الذي كان شبه شفاف وأثار موجة من الجدل، قد لعب دورا في تحفيز إدارة المهرجان على اتخاذ موقف واضح تجاه ما وصفوه بـ “الإطلالات المستفزة”. هذا التوجه الجديد أثار ردود فعل متباينة بين مصممي الأزياء، إذ أعرب عدد منهم عن استيائهم من توقيت الإعلان عن القواعد الجديدة الذي جاء متأخرا جدا، ما أربك التحضيرات وأجبرهم على تعديل التصاميم في اللحظة الأخيرة.

رغم هذا الانقسام في الآراء، يبدو أن مهرجان كان يحاول استعادة هويته الأصلية كمناسبة ثقافية وفنية أولا، بعيدا عن استعراضات الموضة التي أصبحت تأخذ حيزا أكبر من اللازم. وبين مؤيد يرى في هذه الخطوة عودة للجدية والرقي، ومعارض يعتبرها نوعا من التقييد لحرية التعبير والابتكار، يبقى المهرجان تحت المجهر، بانتظار معرفة ما إذا كانت هذه الإجراءات ستكون مؤقتة أم بداية لعصر جديد في تقاليد هذا الحدث العالمي العريق.
وللإشارة، تستمر فعاليات مهرجان كان السينمائي الدولي في نسخته الـ 78، إلى غاية 24 ماي الجاري.